علم
الطب عند العرب :
من العلوم
الملازمة لحياة الإنسان ، ولذلك لا توجد أمة من الأمم إلا ولها حظها منه ، قل أو
كثر حسب درجة رقيها وثقافتها ، وقد عرف العرب في الجاهلية الطب ـ رغم أنهم كانوا
أمة أمية نصيبها من الفنون العلمية محدود ، معارف أطبائهم العلمية تحصل عن طريق
الوراثة والتجريب ، واشتهر ذلك بين أطباء البدو أو الأعراب ، وهو ما عُرف بطب
العرف والعادة .
وهو طب موروث، يداوي بالوصفات التي داوى بها
الآباء والأجداد، دون تغيير وتبديل وجدل ونقاش. ..بدائي تقليدي .. ، يعتمد في
مداواته على قدرة القبيلة، وعلى ما يجده الطبيب حوله من نبات وأعشاب وحيوان ونار
فيداوي بها، وما زال الأعراب على طبهم هذا، يداوون به على نحو ما داوى أجدادهم
وأجداد أجدادهم في الإسلام وقبل الإسلام.
ومن أهم صفات
هذا الطب ، أنه طب لا يثق إلا بنفسه، ولا يرى الشفاء إلا من أطبائه وبأدويته
المتعارفة عنده ، والمريض الأعرابي لا يعمل إلا بطب أصحاب الخبرة من الشيبة
والعجائز الذين عرفوا بممارستهم معالجة المرضى ، وللسن عندهم قيمة في نجاح
المعالجة والحصول على الشفاء، فالسن تجربة وعلم، ولذلك فللمسن المعالج الذي يرجع
إليه عند الشكاية من الألم والمرض تأثير كبير على المريض من الناحية النفسية،
لاعتقاده بأن السنين تزيد في خبرة الإنسان ، وتضيف إلى علمه القديم علمًا جديدًا؛
لذلك يثق المرضى به
أو تحصل عن طريق التعلم على يد أطباء محترفين ممن سبقهم
في هذا الشأن ، واشتهر ذلك بين أطباء المدن ، ومن أقاموا في الحضر، وربما كان من
هؤلاء الأطباء من تعلم في نيسابور مركز الطب والعلوم في الامبراطورية الساسانية أو
في أماكن من بلاد الشأم" فقد كان الطبيب الحاذق محتاجًا في هذا اليوم إلى
تعلم هذا العلم في أماكن متعددة للاستفادة من تجارب الأطباء ، وقد كان السفر
متصلًا غير منقطع، فلا يستبعد قدوم الأطباء وطلاب الطب من جزيرة العرب إلى هذه
الأماكن للتعلم فيها.
كانت للعرب في الجاهلية
تجاربهم في الطب، وقد أضافوا إليها ما اكتسبوه من الأمم المجاورة كالفرس والهنود
وغيرهم. وقد انتهجوا طريقتين للعلاج أولاهما الكهانة والعرافة، والثانية ما خبروه
من عقاقير نباتية إضافة إلى الكي والحجامة والفصد. ومن أبرز أطباء الجاهلية زهير
الحِمْيري، وابن حزيم، والحارث بن كلدة صاحب كتاب المحاورة في الطب ، والنضر بن
الحارث.
علاج المرضى:
كانوا يرون ان الملدوغ والملسوع لو كان معه
شي من النحاس مات ،وكانوا يعالجونها بإناطة عقود وقلائد الذهب والفضة برقبتهما
وكانوا يعالجون عضة الكلب المكلوب (دا الكلب) بدم كبير القبيلة او شيخ العشيرة
يضعونه على موضع الجراح، وقد جاء هذا المعنى في هذا البيت المعروف:
وكانوا اذا ظهرت على احد منهم
سمات مس الجنون لجؤوا لطرد الارواح الشريرة منه الى عظام الموتى والاقمشة الملوثة
بالأوساخ والقاذورات فعلقوها برقبته ولدفع الجنون عن الجنين والبنين كانوا يعلقون
سن السنور والثعلب بخيط فيعلقونها برقابهم وكانت الام اذا رات في فم او شفاه
اولادها بثورا حملت على راسها طبقا وطافت على دور القبيلة فجمعت شيئا من الخبز
والتمر واطعمتها الكلاب ليطيب بنوها وكان نساء الحي يراقبن ابنائهن كيلا يأكلوا
شيئا من ذلك الخبز والتمر فيصابوا بذلك الداء
وأشهر الأطباء العرب الذين ورد ذكرهم في
تلك الفترة
:
- الحارث بن كلدة الثقفي (ت 13هـ) الذي رحل
إلى بلاد فارس " وأخذ الطب عن (جنديسابور) ثم عاد إلى بلاده (4) وأقام
بالطائف فنال شهرة واسعة في تطبيبه ، حتى إن النبي عليه السلام بعد بعثته كان يأمر
الناس بالذهاب إليه().
ورغم أنه عاش ومارس طبه في بيئة بدائية إلا
أن نصائحه وتعاليمه لا يزال لها تقديرها بين أطباء العصر الحديث مثل قوله :"
من بلغ الخمسين فلا يقربن الحجامة ولا يأخذ الدواء إلا ما لا بد منه إنه لا يصلح
شيئا إلا أفسد " ().وقوله :" الداء الدوي .. إدخال الطعام على الطعام
" ()..وقوله : " قلل من طعامك يكن أهنأ لنومك"() .
لتحميل بحث علم الطب عند العرب في العصر الجاهلي DOC
لتحميل بحث علم الطب عند العرب في العصر الجاهلي PDF
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق